الحياة أمل رواية رومانسية
3 مشترك
صفحة 2 من اصل 2
صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
رد: الحياة أمل رواية رومانسية
مر حفل الزفاف في أحسن الظروف، السعادة كانت تبدو على الجميع هذا اليوم، خصوصا على العروسين احمد و سلمى، وحتى أمل تناست خلال هذه الساعات ضيقها الدائم من سامي، سعادتها من أجل صديقتها جعلتها تحاول أن يكون هذا اليوم من أجمل الأيام التي عدت عليهم، فتعمدت أن تبادله أطراف الحديث أمام سلمى، كي لا تشعر هذه الأخيرة بما ينغص عليها فرحتها، ولا تشغلها بمشاكلها معه.
وحين وصلت السيارة التي ستقل العروسين للمطار، خرج الجميع من المنزل كي يودعهما، ودعهم أحمد و سبق سلمى للسيارة، كانت لحظة الفراق صعبة على والد ووالدة سلمى، هذه الأخيرة لم تستطع منع دموعها ، فتركتها تبلل وجهها الذي لم يخل من ملامح السعادة من أجل ابنتها. سلمى حين رأت وجه والدتها الغارق بدموعه، عانقتها عناقا طويلا، ولم تتركها إلا حين حملها سامي على ذلك، وفتح باب السيارة أمامها وهو يقول: هيا يا سلمى، ستتأخران على رحلتكما..
عانقته سلمى هو الآخر بسرعة وهي تقول وسط دموعها: أين أمل ؟
رد سامي وهو يبحث عن أمل بين المتواجدين: لا أعلم ..اختفت منذ قليل !
ركبت سلمى السيارة و أخرجت رأسها من النافذة وهي تقول بحزن: قد أخبرتني أنها لن تحتمل أن تقول لي وداعا، لم أفكر أنها لن تودعني هذه السخيفة، أرجوك يا سامي أخبرها أن سلمى لا تقول لك وداعا بل إلى اللقاء..
هز سامي رأسه وهو يقول : سأخبرها..
وانطلقت السيارة مبتعدة وعيون الجميع متعلقة بها، عيون أمل أيضا كانت تتابعها إلى أن اختفت، ظلت تراقب ما يحصل من نافذة غرفة سلمى،كانت تجهش بالبكاء، و هي لا تحب أن يراها أحد وهي على هذه الحال، ولم تكن تود أن تراها سلمى بالذات على هذه الحال، لن يكون آخر منظر تراها فيه.. هو منظرها وهي محطمة بسبب فراقها.
أغلقت أمل النافذة، و اتجهت للمكتب بخطوات متثاقلة، ثم التقطت صورة سلمى الموضوعة عليه واحتضنتها بقوة و ودموعها لا تكف عن الانهمار..
كان المدعوون قد تفرقوا، وذهب كل لحال سبيله، وعاد الهدوء للمنزل، وفي ركن من أركانه، جلس والد أمل ووالد سامي، وكان هذا الأخير يسأله باهتمام: هل أنت متأكد مما رأيت؟
رد والد أمل بثقة: أجل متأكد.. سامي يحب أمل، كنت أظنه يعتبرها كأخت له، لكن فاجئني اليوم..
خيم صمت ثقيل للحظات على الاثنين، قطعه والد أمل قائلا بحزم شديد:
- عليك أن تحدثه، أقنعه أن يبتعد عن أمل، فما يريده مستحيل الحدوث !!
*****
ما سر هذا الغموض !؟
***********
طال انتظار أمل لسيارة أجرة، كانت واقفة تحت ظل شجرة بالقرب من باب منزلها، فقد كان يوما حارا جدا، يجعل أي شخص يفضل البقاء بمنزله على أن يتعرض لأشعة الشمس الحارقة.
لكن اليوم هو السبت، أي اليوم الذي تخصصه أمل كل أسبوع لزيارة المكتبة، وطبعا لم يمنعها الحر الشديد من الذهاب، خصوصا و أنها تخلفت لمدة طويلة عن زيارتها بسبب انشغالها مع سلمى.
كانت تنظر للسيارات و هي تمر مسرعة من أمامها بملل،و فجأة وجدت سيارة تتوقف أمامها، وأخرج شاب رأسه من النافذة وهو يقول: ستتعرضين لضربة شمس..إلى أين أنت ذاهبة؟
ردت أمل بهدوء: هل ستوصلني إذا علمت إلى أين سأذهب؟
عقد الشاب حاجبيه كأنه يفكر ثم قال بسرعة: أجل سأوصلك.
ثم فتح باب السيارة أمامها و أضاف: اصعدي..
صعدت أمل السيارة، والتزمت الصمت، إلى أن سألها الشاب: إلى أين ؟
ردت أمل دون أن تلتفت إليه: المكتبة..
هم أن يقول شيئا لكنه عدل عن ذلك فنظرت إليه أمل وقالت: قل ما بجعبتك يا سامي، من المؤكد أنه تعليق ساخر ككل تعليقاتك..
ابتسم سامي وهو يقول: أنت تسيئين الظن بي دائما ..كنت سأقول فقط أنك شغوفة بالكتب لدرجة كبيرة، هل هناك شيء تحبينه أكثر من الكتب !
ردت أمل بهدوء: أجل هناك، أمي و أبي وكل المقربون إلي..
قال سامي وهو يتوقف بالسيارة أمام إشارة حمراء: وهل أنا منهم؟
والتفت لأمل في انتظار جواب منها، إلا أنها كانت تنظر للجهة الأخرى، و كأنها لم تسمع سؤاله، فقال بضيق: أمل..أنظري إلي فأنا أحدثك..هل أنا منهم؟
نظرت إليه أمل، فوقعت عينيها بعينيه، و لمحت بهما شيء لم تره من قبل، كانت نظراته تحمل معاني كثيرة،لم تستطع أمل فهمها، أربكتها هذه النظرات وجعلت دقات قلبها تتسارع، فأشاحت بوجهها بسرعة، وقالت محاولة عدم إظهار ارتباكها : من المؤكد أنك منهم..
تنهد سامي بارتياح، وانطلق بالسيارة بعد أن سمع أبواق السيارات خلفه تحثه على الابتعاد عن الطريق، فهو لم ينتبه للإشارة التي تحولت لخضراء..
- لا أدري لم كنت أحس أحيانا أنك..أنك تكرهينني..
قالها سامي بعد تردد.
رفعت أمل حاجبيها وقالت بدهشة: أنا أكرهك يا سامي ! أجننت؟ أنت بمثابة الأخ لي، كيف للأخت أن تكره أخاها !
شعر سامي بخيبة أمل كبيرة بعد عبارة أمل هذه ، بمثابة الأخ يا أمل ؟أخ !!
أمل وجدتها فرصة لتصارحه بما يدور بخلدها فقالت: كل ما في الأمر يا سامي، أني كل مرة أراك فيها تجعلني بتصرفاتك أود أن أتحاشاك طول العمر..
اعتصرت هذه الكلمات قلب سامي وكان يود أن يطلب منها التوقف عن الكلام.
إلا أنها أضافت بسرعة : صحيح أني أغضب منك ، لكن بعد أن أخلو بنفسي و اهدأ، أفكر بأنك لا تقصد ما تقوله، إن لكَ قلبا طيبا لا يعرفه أحد مثل ما أعرفه أنا، المشكلة تكمن في شخصيتك التي تحب استفزاز من أمامها، خصوصا لو كان من أمامها..
ثم ابتسمت و أشارت لنفسها قبل أن تكمل: لكن أقسم لك أنك عزيز علي حتى بتصرفاتك المستفزة و الصبيانية..
قال سامي وقد حملت ملامحه إصرارا لم تعهده أمل به: وأنا أقسم لك أنا تصرفات سامي معك ستتغير..
ورمقها بنظرة سريعة قبل أن يعيد تركيزه على الطريق أمامه و يضيف: و سيصبح أكثر من أخ..أعدك.
شعرت أمل بغموض في كلمات سامي، هو منذ مدة أصبح غامضا بالنسبة إليها، لكنها لم تحاول استفساره عما يقصد وقالت مديرة دفة الحديث : أرجو أن لا أكون قد أخرتك عن موعد ما..
حرك سامي رأسه نفيا وقال كاذبا: لا أبدا، سأمر على صديق لي، الطريق إلى منزله هو نفس طريق المكتبة..
سكت الاثنين لثوان قبل أن يضيف سامي: إذا أردتِ بإمكاني المرور بالمكتبة عند رجوعي ..سأوفر عليك انتظار سيارة أجرة..
ابتسمت أمل وهي تقول : لا أريد أن أتعبك معي..لكن مادمت ستمر من نفس الطريق، فستوفر علي فعلا الانتظار في هذا الحر..
بادلها سامي الابتسامة قائلا: ليس هناك أي تعب..حتى لو لم يكن الطريق هو نفسه.. يسعدني أن أخدمك بأي شيء يا أمل..
نظرت أمل اليه باستغراب وهي تقول: لم أظن أنك ستغير طريقتك المستفزة في الحديث معي وتصبح خدوما بهذه السرعة !
ضحك سامي ورد : من اليوم.. فتحنا أنا و أنت صفحة جديدة، وسامي القديم و المستفز عليك نسيانه..
اتفقنا؟
ابتسمت أمل ثم قالت بمرح : سأحاول..لكني لا أعدك بشيء..
ضحك سامي على ردها ثم قال: من الواضح أنك أنت التي لن تتغير أبدا..
ثم صمت قليلا قبل أن يضيف: هل اتصلت بك سلمى اليوم؟
ابتسمت أمل وهي ترد : لا، لكني حدثتها أمس على الماسنجر ، ربما لساعة أو أكثر..
قال سامي بخبث: شيئا فشيئا، ستقل اتصالاتها، وستنشغل عنك تماما..
نظرت أمل إليه نظرات استنكار وعدم تصديق لما يقول..
فضحك ثم قال : حسنا لا تصدقيني.. لكنها أختي و أنا أعرفها.
قالت أمل بكل ثقة: وصديقة عمري و أنا أعرفها !! ما تقوله لن يحدث..
ثم أخذ الاثنان يتبادلان أخبار سلمى، و يتذكران كل ما مر عليهم من أحداث معا. سامي كان قد باشر فورا في تنفيذ قسمه..فهما لم يحظيا بمثل هذا الحديث الهادئ والخالي من المشادات الكلامية منذ مدة لا يتذكر أمدها أحد.
***********
دخل والد أمل المنزل، وكان يبدو عليه التعب الشديد و الإرهاق، من الواضح أنه لم يؤخذ حاجته من النوم لأيام، صعد الدرج و قبل أن يدلف لغرفته مر بغرفة أمل و طرق الباب، وعندما لم يأته رد، فتحه فوجد الغرفة خالية، أعاد غلق الباب ثم دخل غرفته، رأى والدة أمل واقفة بالشرفة، وعلى وجهها علامات التفكير العميق، كانت عيونها محاطة بهالات سوداء، وكأنها هي الأخرى لم تحظ بنوم هانئ منذ مدة..توجه والد أمل نحوها ووضع يده على كتفها وهو يقول : ألازلت تفكرين بما أخبرتك به؟
تنهدت ثم تطلعت إليه قائلة: كيف لي أن لا أفكر..لا أدري ما الحل، علينا أن نجد حلا و بسرعة..
رد والد أمل وهو يحاول أن يجعل كلماته واثقة حتى يطمئنها: لا تقلقي، كما أخبرتك طلبت من والد سلمى أن يتحدث معه و أن يطلب منه الابتعاد عن أمل ..
ثم صمت قليلا قبل أن يردف: بالإضافة إلى أن ما رأيته، أكد لي بأن تلك المشاعر هي من طرف سامي فقط، أمل تعتبره كأخ لها لا أكثر ولا أقل..
عادت أم أمل تتنهد ثم قالت: أتمنى أن تكون على حق.
ثم اتسعت عيناها برعب و أضافت: لكن ماذا لو غيرت أمل رأيها به..
أحاطها والد أمل بذراعيه ووضع رأسها على صدره وهو يقول هامسا في محاولة لتهدءتها: اطمئني لن يحدث هذا أبدا..سنعمل على أن لا يحدث هذا..و لو اقتضى الأمر أن نبعدها عن سامي للأبد !
*********
وجدت أمل بصعوبة طاولة بمقعدين فارغين، فساحة المكتبة اليوم مكتظة بالزوار، جلست على أحد المقاعد و وضعت حقيبتها على الثاني قبالتها، ثم وضعت كل الكتب التي انتقتها اليوم فوق الطاولة، و انهمكت في قراءة فهرس كل كتاب.
وفي الطرف الآخر للساحة كان هناك شاب واقف برفقة فتاة، كانت هذه الأخيرة تحدثه وهي تتمايل بدلال، لكن تركيز الشاب كان منصبا على أمل، كان يرمقها بكل اهتمام، انتبهت الفتاة إلى أنه لا يستمع لما تقوله و أنه ينظر باهتمام لشيء ما، فالتفتت تبحث عن ما يشغله عنها، وعندما وقعت عينييها على أمل استدارت بغضب و هي تلوح بيدها أمام وجهه قائلة :
- دعك من هذه الفتاة الآن، قد بدأ صبري ينفذ يا خالد..
لم يبعد خالد عينيه عن أمل و قال وهو يزيح تلك الفتاة عن طريقه: انتظريني..سأعود
ثم اتجه نحو الطاولة التي تجلس عليها أمل، ولم يرد على نداء تلك الفتاة الغاضب والمستمر له..
اقترب خالد من أمل و ظل يتأملها للحظة، قبل أن يقول بصوت هادئ: هل تسمحين؟
رفعت أمل عينيها عن الكتاب، وتجمدت في مكانها ،كان نفس الشاب الذي استغربت نظراته إليها في آخر مرة زارت بها المكتبة. لكنها حاولت أن تقلد هدوءه قائلة: أسمح بماذا؟
أشار خالد للمقعد الذي وضعت أمل حقيبتها عليه ثم قال: كما ترين لا يوجد أماكن شاغرة..
التقطت أمل حقيبتها بسرعة ووضعتها بجانبها، ثم عاد تركيزها للكتاب بين يديها..
جلس خالد على المقعد ووضع بعض الكتب هو الآخر على الطاولة، ونظر لغلاف الكتاب الذي تقرأه أمل، ثم قال بصوته الهادئ: هل تقرئين لهذا الكاتب كثيرا؟
رفعت أمل عينيها ثم أعادتها سريعا لصفحات الكتاب وهي تقول ببرود : أجل.
عدل خالد من جلسته وفتح هو الآخر كتابا و كأنه سيقرئه، إلا أنه كان ينظر لأمل.
شعرت أمل بنظراته فرفعت عينيها متسائلة: هل من شيء؟
قال خالد بهدوء وهو يغلق الكتاب و يقدمه لأمل : هل سبق و قرأت هذا؟ انه لنفس الكاتب..
أخذت أمل تنظر للكتاب باهتمام، لكن قبل أن ترد، توقفت فتاة أمام خالد وقالت بغضب واضح :
هل لنا أن نذهب الآن؟
نظر خالد للفتاة ببرود ثم رد : ليس الآن يا مروى، أنا مشغول..
ظهرت الصدمة على وجه مروى لرده، وهمت أن تقول شيئا، لولا أن أمل اعتدلت واقفة و جمعت كتبها، ثم ابتعدت دون أن تنطق بكلمة. كانت تحس بانزعاج كبير، فلم تطق الجلوس أكثر أمام هذين الاثنين..
قام خالد واقفا هو الآخر و أمسك ذراع مروى بقوة، ثم قال وهو يضغط على أسنانه محاولا عدم رفع صوته: قد أخبرتك أن تنتظري بمكانك..
ثم دفعها بعيدا عنه، وعاد يجلس بالمقعد وفتح كتابه بهدوء عجيب، وكأنه لم يكن غاضبا منذ ثانية..
اقتربت مروى منه وقالت وهي تهم بالجلوس : لا تغضب هكذا ، ستجد فرصة أخرى للحديث معها.. أنا آسفة..
رد خالد دون أن ينظر إليها : أريد أن أجلس وحدي الآن..
عقدت مروى حاجبيها بغضب و ابتعدت عنه صاغرة..
وبمجرد ابتعادها أخذ خالد يتأمل المقعد التي كانت أمل جالسة عليه، فلمح شيئا فوقه، قام واقفا و اتجه نحوه ثم التقطه، كان بطاقة اشتراك بالمكتبة، فابتسم ابتسامة جانبية وهو يرى صورة صاحبة البطاقة، ثم قال و الابتسامة لم تفارق شفتيه : أمل محمود..يبدو أن القدر منحني فرصتي الثانية سريعا..و على طبق من ذهب..
*************
جلست أمل تشاهد التلفاز، كانت تتابع الأخبار على إحدى المحطات، تحس بالقهر كلما استمعت إلى أعداد الأبرياء التي تقتل كل يوم في بلدان كثيرة،و أثار حنقها أن المذيعة الفاتنة والمرحة تقدم نشرة الأخبار هذه، المليئة بإحصائيات الانفجارات و القتلى، وعلى شفتيها ابتسامة واسعة ! لو لم ينتبه الشخص لما تقول قد يعتقد أنها تقوم بالدعاية لمنتوج ما، أو تقدم على الأقل اخبارا ممتعة جدا !!
غيرت أمل المحطة وهي تتمتم: لا عجب أن الناس لم يعودوا يتأثرون بموت الأبرياء، مادامت حتى أخبارهم يعلن عنها بهذه الطريقة..
بمجرد أن أنهت عبارتها وجدت أمل والدتها تقترب و تجلس بجانبها وهي تقول :
- لم تتأخري اليوم بالمكتبة..
مطت أمل شفتيها و هي تتذكر ما حدث مع ذلك الشاب الغريب، تذكرت ارتباكها الشديد الذي حاولت أن تخفيه بقناع البرود، لقد تعمد الجلوس على نفس طاولتها، ما الذي يريده منها يا ترى !
حركت رأسها وكأنها تحاول طرد هذه الأفكار، لا تريد أن تشغل تفكيرها به، ثم ردت: قد كانت مكتظة جدا..ففضلت الرجوع باكرا..
و أخذت تتأمل والدتها ثم قالت ونبرة صوتها يعلوها القلق: أمي ما بك..تبدين مرهقة..هل أنت مريضة؟
حركت أم أمل رأسها نفيا ثم قالت : لا..لست مريضة..كل ما في الأمر أني أعاني من الأرق هذه الأيام..
ظلت أمل تتطلع إليها بنظرات قلقة..فابتسمت والدتها وهي تقول مطمئنة إياها : لا تقلقي يا أمل..أنا بخير..
ثم أضافت: قد رأيتك تركبين السيارة مع سامي اليوم..
ردت أمل وقد عادت تغير المحطات على التلفاز: أجل..لم أجد سيارة أجرة..فقام بإيصالي للمكتبة..
هزت أم أمل رأسها بتفهم ثم قالت : استغربت فقط..فأنا أعلم أنك تتحاشينه دائما..
ابتسمت أمل و هي ترد: لست أتحاشاه يا أمي..كيف للإنسان أن يتحاشى قدره..
صدمت أم أمل من كلمة ابنتها الأخيرة، وكاد قلبها يتوقف عن الخفقان، هذا ما كانت تخشاه !
إلا أن أمل أضافت: انه بمثابة الأخ لي يا أمي، تجمعنا أشياء كثيرة به وبعائلته..فطبعا لست أتحاشى أخي ..حتى لو حاولت لن أستطيع !
تنهدت أم أمل بارتياح ثم قالت: أرحتني يا ابنتي..
ضحكت أمل ثم قالت وهي تمثل الحزن:أنت أيضا يا أمي ظننتني أكرهه !؟.. أنتم تظلمونني جميعا.. لست أحمل لسامي بقلبي غير كل الخير، حتى حين يتعمد مضايقتي أسامحه بسرعة..أنا وسامي وسلمى أخوة يا أمي ..فأبعدوا عن ذهنكم هذه الأفكار..
زاد ارتياح أم أمل و قالت بابتسامة واسعة: أنا أتمنى لكم الخير جميعا..
اقتربت أمل من والدتها وأمسكت بيدها ثم قبلتها وهي تقول: حفظك الله لي يا أمي..
ربتت والدتها بحنان على رأسها وهي تحمد الله، على الأقل أمل تعتبر سامي فعلا كأخ، لربما هذا سيجعله يغير طريقة تفكيره بها و يعدل عن ما يدور بذهنه.
********
وحين وصلت السيارة التي ستقل العروسين للمطار، خرج الجميع من المنزل كي يودعهما، ودعهم أحمد و سبق سلمى للسيارة، كانت لحظة الفراق صعبة على والد ووالدة سلمى، هذه الأخيرة لم تستطع منع دموعها ، فتركتها تبلل وجهها الذي لم يخل من ملامح السعادة من أجل ابنتها. سلمى حين رأت وجه والدتها الغارق بدموعه، عانقتها عناقا طويلا، ولم تتركها إلا حين حملها سامي على ذلك، وفتح باب السيارة أمامها وهو يقول: هيا يا سلمى، ستتأخران على رحلتكما..
عانقته سلمى هو الآخر بسرعة وهي تقول وسط دموعها: أين أمل ؟
رد سامي وهو يبحث عن أمل بين المتواجدين: لا أعلم ..اختفت منذ قليل !
ركبت سلمى السيارة و أخرجت رأسها من النافذة وهي تقول بحزن: قد أخبرتني أنها لن تحتمل أن تقول لي وداعا، لم أفكر أنها لن تودعني هذه السخيفة، أرجوك يا سامي أخبرها أن سلمى لا تقول لك وداعا بل إلى اللقاء..
هز سامي رأسه وهو يقول : سأخبرها..
وانطلقت السيارة مبتعدة وعيون الجميع متعلقة بها، عيون أمل أيضا كانت تتابعها إلى أن اختفت، ظلت تراقب ما يحصل من نافذة غرفة سلمى،كانت تجهش بالبكاء، و هي لا تحب أن يراها أحد وهي على هذه الحال، ولم تكن تود أن تراها سلمى بالذات على هذه الحال، لن يكون آخر منظر تراها فيه.. هو منظرها وهي محطمة بسبب فراقها.
أغلقت أمل النافذة، و اتجهت للمكتب بخطوات متثاقلة، ثم التقطت صورة سلمى الموضوعة عليه واحتضنتها بقوة و ودموعها لا تكف عن الانهمار..
كان المدعوون قد تفرقوا، وذهب كل لحال سبيله، وعاد الهدوء للمنزل، وفي ركن من أركانه، جلس والد أمل ووالد سامي، وكان هذا الأخير يسأله باهتمام: هل أنت متأكد مما رأيت؟
رد والد أمل بثقة: أجل متأكد.. سامي يحب أمل، كنت أظنه يعتبرها كأخت له، لكن فاجئني اليوم..
خيم صمت ثقيل للحظات على الاثنين، قطعه والد أمل قائلا بحزم شديد:
- عليك أن تحدثه، أقنعه أن يبتعد عن أمل، فما يريده مستحيل الحدوث !!
*****
ما سر هذا الغموض !؟
***********
طال انتظار أمل لسيارة أجرة، كانت واقفة تحت ظل شجرة بالقرب من باب منزلها، فقد كان يوما حارا جدا، يجعل أي شخص يفضل البقاء بمنزله على أن يتعرض لأشعة الشمس الحارقة.
لكن اليوم هو السبت، أي اليوم الذي تخصصه أمل كل أسبوع لزيارة المكتبة، وطبعا لم يمنعها الحر الشديد من الذهاب، خصوصا و أنها تخلفت لمدة طويلة عن زيارتها بسبب انشغالها مع سلمى.
كانت تنظر للسيارات و هي تمر مسرعة من أمامها بملل،و فجأة وجدت سيارة تتوقف أمامها، وأخرج شاب رأسه من النافذة وهو يقول: ستتعرضين لضربة شمس..إلى أين أنت ذاهبة؟
ردت أمل بهدوء: هل ستوصلني إذا علمت إلى أين سأذهب؟
عقد الشاب حاجبيه كأنه يفكر ثم قال بسرعة: أجل سأوصلك.
ثم فتح باب السيارة أمامها و أضاف: اصعدي..
صعدت أمل السيارة، والتزمت الصمت، إلى أن سألها الشاب: إلى أين ؟
ردت أمل دون أن تلتفت إليه: المكتبة..
هم أن يقول شيئا لكنه عدل عن ذلك فنظرت إليه أمل وقالت: قل ما بجعبتك يا سامي، من المؤكد أنه تعليق ساخر ككل تعليقاتك..
ابتسم سامي وهو يقول: أنت تسيئين الظن بي دائما ..كنت سأقول فقط أنك شغوفة بالكتب لدرجة كبيرة، هل هناك شيء تحبينه أكثر من الكتب !
ردت أمل بهدوء: أجل هناك، أمي و أبي وكل المقربون إلي..
قال سامي وهو يتوقف بالسيارة أمام إشارة حمراء: وهل أنا منهم؟
والتفت لأمل في انتظار جواب منها، إلا أنها كانت تنظر للجهة الأخرى، و كأنها لم تسمع سؤاله، فقال بضيق: أمل..أنظري إلي فأنا أحدثك..هل أنا منهم؟
نظرت إليه أمل، فوقعت عينيها بعينيه، و لمحت بهما شيء لم تره من قبل، كانت نظراته تحمل معاني كثيرة،لم تستطع أمل فهمها، أربكتها هذه النظرات وجعلت دقات قلبها تتسارع، فأشاحت بوجهها بسرعة، وقالت محاولة عدم إظهار ارتباكها : من المؤكد أنك منهم..
تنهد سامي بارتياح، وانطلق بالسيارة بعد أن سمع أبواق السيارات خلفه تحثه على الابتعاد عن الطريق، فهو لم ينتبه للإشارة التي تحولت لخضراء..
- لا أدري لم كنت أحس أحيانا أنك..أنك تكرهينني..
قالها سامي بعد تردد.
رفعت أمل حاجبيها وقالت بدهشة: أنا أكرهك يا سامي ! أجننت؟ أنت بمثابة الأخ لي، كيف للأخت أن تكره أخاها !
شعر سامي بخيبة أمل كبيرة بعد عبارة أمل هذه ، بمثابة الأخ يا أمل ؟أخ !!
أمل وجدتها فرصة لتصارحه بما يدور بخلدها فقالت: كل ما في الأمر يا سامي، أني كل مرة أراك فيها تجعلني بتصرفاتك أود أن أتحاشاك طول العمر..
اعتصرت هذه الكلمات قلب سامي وكان يود أن يطلب منها التوقف عن الكلام.
إلا أنها أضافت بسرعة : صحيح أني أغضب منك ، لكن بعد أن أخلو بنفسي و اهدأ، أفكر بأنك لا تقصد ما تقوله، إن لكَ قلبا طيبا لا يعرفه أحد مثل ما أعرفه أنا، المشكلة تكمن في شخصيتك التي تحب استفزاز من أمامها، خصوصا لو كان من أمامها..
ثم ابتسمت و أشارت لنفسها قبل أن تكمل: لكن أقسم لك أنك عزيز علي حتى بتصرفاتك المستفزة و الصبيانية..
قال سامي وقد حملت ملامحه إصرارا لم تعهده أمل به: وأنا أقسم لك أنا تصرفات سامي معك ستتغير..
ورمقها بنظرة سريعة قبل أن يعيد تركيزه على الطريق أمامه و يضيف: و سيصبح أكثر من أخ..أعدك.
شعرت أمل بغموض في كلمات سامي، هو منذ مدة أصبح غامضا بالنسبة إليها، لكنها لم تحاول استفساره عما يقصد وقالت مديرة دفة الحديث : أرجو أن لا أكون قد أخرتك عن موعد ما..
حرك سامي رأسه نفيا وقال كاذبا: لا أبدا، سأمر على صديق لي، الطريق إلى منزله هو نفس طريق المكتبة..
سكت الاثنين لثوان قبل أن يضيف سامي: إذا أردتِ بإمكاني المرور بالمكتبة عند رجوعي ..سأوفر عليك انتظار سيارة أجرة..
ابتسمت أمل وهي تقول : لا أريد أن أتعبك معي..لكن مادمت ستمر من نفس الطريق، فستوفر علي فعلا الانتظار في هذا الحر..
بادلها سامي الابتسامة قائلا: ليس هناك أي تعب..حتى لو لم يكن الطريق هو نفسه.. يسعدني أن أخدمك بأي شيء يا أمل..
نظرت أمل اليه باستغراب وهي تقول: لم أظن أنك ستغير طريقتك المستفزة في الحديث معي وتصبح خدوما بهذه السرعة !
ضحك سامي ورد : من اليوم.. فتحنا أنا و أنت صفحة جديدة، وسامي القديم و المستفز عليك نسيانه..
اتفقنا؟
ابتسمت أمل ثم قالت بمرح : سأحاول..لكني لا أعدك بشيء..
ضحك سامي على ردها ثم قال: من الواضح أنك أنت التي لن تتغير أبدا..
ثم صمت قليلا قبل أن يضيف: هل اتصلت بك سلمى اليوم؟
ابتسمت أمل وهي ترد : لا، لكني حدثتها أمس على الماسنجر ، ربما لساعة أو أكثر..
قال سامي بخبث: شيئا فشيئا، ستقل اتصالاتها، وستنشغل عنك تماما..
نظرت أمل إليه نظرات استنكار وعدم تصديق لما يقول..
فضحك ثم قال : حسنا لا تصدقيني.. لكنها أختي و أنا أعرفها.
قالت أمل بكل ثقة: وصديقة عمري و أنا أعرفها !! ما تقوله لن يحدث..
ثم أخذ الاثنان يتبادلان أخبار سلمى، و يتذكران كل ما مر عليهم من أحداث معا. سامي كان قد باشر فورا في تنفيذ قسمه..فهما لم يحظيا بمثل هذا الحديث الهادئ والخالي من المشادات الكلامية منذ مدة لا يتذكر أمدها أحد.
***********
دخل والد أمل المنزل، وكان يبدو عليه التعب الشديد و الإرهاق، من الواضح أنه لم يؤخذ حاجته من النوم لأيام، صعد الدرج و قبل أن يدلف لغرفته مر بغرفة أمل و طرق الباب، وعندما لم يأته رد، فتحه فوجد الغرفة خالية، أعاد غلق الباب ثم دخل غرفته، رأى والدة أمل واقفة بالشرفة، وعلى وجهها علامات التفكير العميق، كانت عيونها محاطة بهالات سوداء، وكأنها هي الأخرى لم تحظ بنوم هانئ منذ مدة..توجه والد أمل نحوها ووضع يده على كتفها وهو يقول : ألازلت تفكرين بما أخبرتك به؟
تنهدت ثم تطلعت إليه قائلة: كيف لي أن لا أفكر..لا أدري ما الحل، علينا أن نجد حلا و بسرعة..
رد والد أمل وهو يحاول أن يجعل كلماته واثقة حتى يطمئنها: لا تقلقي، كما أخبرتك طلبت من والد سلمى أن يتحدث معه و أن يطلب منه الابتعاد عن أمل ..
ثم صمت قليلا قبل أن يردف: بالإضافة إلى أن ما رأيته، أكد لي بأن تلك المشاعر هي من طرف سامي فقط، أمل تعتبره كأخ لها لا أكثر ولا أقل..
عادت أم أمل تتنهد ثم قالت: أتمنى أن تكون على حق.
ثم اتسعت عيناها برعب و أضافت: لكن ماذا لو غيرت أمل رأيها به..
أحاطها والد أمل بذراعيه ووضع رأسها على صدره وهو يقول هامسا في محاولة لتهدءتها: اطمئني لن يحدث هذا أبدا..سنعمل على أن لا يحدث هذا..و لو اقتضى الأمر أن نبعدها عن سامي للأبد !
*********
وجدت أمل بصعوبة طاولة بمقعدين فارغين، فساحة المكتبة اليوم مكتظة بالزوار، جلست على أحد المقاعد و وضعت حقيبتها على الثاني قبالتها، ثم وضعت كل الكتب التي انتقتها اليوم فوق الطاولة، و انهمكت في قراءة فهرس كل كتاب.
وفي الطرف الآخر للساحة كان هناك شاب واقف برفقة فتاة، كانت هذه الأخيرة تحدثه وهي تتمايل بدلال، لكن تركيز الشاب كان منصبا على أمل، كان يرمقها بكل اهتمام، انتبهت الفتاة إلى أنه لا يستمع لما تقوله و أنه ينظر باهتمام لشيء ما، فالتفتت تبحث عن ما يشغله عنها، وعندما وقعت عينييها على أمل استدارت بغضب و هي تلوح بيدها أمام وجهه قائلة :
- دعك من هذه الفتاة الآن، قد بدأ صبري ينفذ يا خالد..
لم يبعد خالد عينيه عن أمل و قال وهو يزيح تلك الفتاة عن طريقه: انتظريني..سأعود
ثم اتجه نحو الطاولة التي تجلس عليها أمل، ولم يرد على نداء تلك الفتاة الغاضب والمستمر له..
اقترب خالد من أمل و ظل يتأملها للحظة، قبل أن يقول بصوت هادئ: هل تسمحين؟
رفعت أمل عينيها عن الكتاب، وتجمدت في مكانها ،كان نفس الشاب الذي استغربت نظراته إليها في آخر مرة زارت بها المكتبة. لكنها حاولت أن تقلد هدوءه قائلة: أسمح بماذا؟
أشار خالد للمقعد الذي وضعت أمل حقيبتها عليه ثم قال: كما ترين لا يوجد أماكن شاغرة..
التقطت أمل حقيبتها بسرعة ووضعتها بجانبها، ثم عاد تركيزها للكتاب بين يديها..
جلس خالد على المقعد ووضع بعض الكتب هو الآخر على الطاولة، ونظر لغلاف الكتاب الذي تقرأه أمل، ثم قال بصوته الهادئ: هل تقرئين لهذا الكاتب كثيرا؟
رفعت أمل عينيها ثم أعادتها سريعا لصفحات الكتاب وهي تقول ببرود : أجل.
عدل خالد من جلسته وفتح هو الآخر كتابا و كأنه سيقرئه، إلا أنه كان ينظر لأمل.
شعرت أمل بنظراته فرفعت عينيها متسائلة: هل من شيء؟
قال خالد بهدوء وهو يغلق الكتاب و يقدمه لأمل : هل سبق و قرأت هذا؟ انه لنفس الكاتب..
أخذت أمل تنظر للكتاب باهتمام، لكن قبل أن ترد، توقفت فتاة أمام خالد وقالت بغضب واضح :
هل لنا أن نذهب الآن؟
نظر خالد للفتاة ببرود ثم رد : ليس الآن يا مروى، أنا مشغول..
ظهرت الصدمة على وجه مروى لرده، وهمت أن تقول شيئا، لولا أن أمل اعتدلت واقفة و جمعت كتبها، ثم ابتعدت دون أن تنطق بكلمة. كانت تحس بانزعاج كبير، فلم تطق الجلوس أكثر أمام هذين الاثنين..
قام خالد واقفا هو الآخر و أمسك ذراع مروى بقوة، ثم قال وهو يضغط على أسنانه محاولا عدم رفع صوته: قد أخبرتك أن تنتظري بمكانك..
ثم دفعها بعيدا عنه، وعاد يجلس بالمقعد وفتح كتابه بهدوء عجيب، وكأنه لم يكن غاضبا منذ ثانية..
اقتربت مروى منه وقالت وهي تهم بالجلوس : لا تغضب هكذا ، ستجد فرصة أخرى للحديث معها.. أنا آسفة..
رد خالد دون أن ينظر إليها : أريد أن أجلس وحدي الآن..
عقدت مروى حاجبيها بغضب و ابتعدت عنه صاغرة..
وبمجرد ابتعادها أخذ خالد يتأمل المقعد التي كانت أمل جالسة عليه، فلمح شيئا فوقه، قام واقفا و اتجه نحوه ثم التقطه، كان بطاقة اشتراك بالمكتبة، فابتسم ابتسامة جانبية وهو يرى صورة صاحبة البطاقة، ثم قال و الابتسامة لم تفارق شفتيه : أمل محمود..يبدو أن القدر منحني فرصتي الثانية سريعا..و على طبق من ذهب..
*************
جلست أمل تشاهد التلفاز، كانت تتابع الأخبار على إحدى المحطات، تحس بالقهر كلما استمعت إلى أعداد الأبرياء التي تقتل كل يوم في بلدان كثيرة،و أثار حنقها أن المذيعة الفاتنة والمرحة تقدم نشرة الأخبار هذه، المليئة بإحصائيات الانفجارات و القتلى، وعلى شفتيها ابتسامة واسعة ! لو لم ينتبه الشخص لما تقول قد يعتقد أنها تقوم بالدعاية لمنتوج ما، أو تقدم على الأقل اخبارا ممتعة جدا !!
غيرت أمل المحطة وهي تتمتم: لا عجب أن الناس لم يعودوا يتأثرون بموت الأبرياء، مادامت حتى أخبارهم يعلن عنها بهذه الطريقة..
بمجرد أن أنهت عبارتها وجدت أمل والدتها تقترب و تجلس بجانبها وهي تقول :
- لم تتأخري اليوم بالمكتبة..
مطت أمل شفتيها و هي تتذكر ما حدث مع ذلك الشاب الغريب، تذكرت ارتباكها الشديد الذي حاولت أن تخفيه بقناع البرود، لقد تعمد الجلوس على نفس طاولتها، ما الذي يريده منها يا ترى !
حركت رأسها وكأنها تحاول طرد هذه الأفكار، لا تريد أن تشغل تفكيرها به، ثم ردت: قد كانت مكتظة جدا..ففضلت الرجوع باكرا..
و أخذت تتأمل والدتها ثم قالت ونبرة صوتها يعلوها القلق: أمي ما بك..تبدين مرهقة..هل أنت مريضة؟
حركت أم أمل رأسها نفيا ثم قالت : لا..لست مريضة..كل ما في الأمر أني أعاني من الأرق هذه الأيام..
ظلت أمل تتطلع إليها بنظرات قلقة..فابتسمت والدتها وهي تقول مطمئنة إياها : لا تقلقي يا أمل..أنا بخير..
ثم أضافت: قد رأيتك تركبين السيارة مع سامي اليوم..
ردت أمل وقد عادت تغير المحطات على التلفاز: أجل..لم أجد سيارة أجرة..فقام بإيصالي للمكتبة..
هزت أم أمل رأسها بتفهم ثم قالت : استغربت فقط..فأنا أعلم أنك تتحاشينه دائما..
ابتسمت أمل و هي ترد: لست أتحاشاه يا أمي..كيف للإنسان أن يتحاشى قدره..
صدمت أم أمل من كلمة ابنتها الأخيرة، وكاد قلبها يتوقف عن الخفقان، هذا ما كانت تخشاه !
إلا أن أمل أضافت: انه بمثابة الأخ لي يا أمي، تجمعنا أشياء كثيرة به وبعائلته..فطبعا لست أتحاشى أخي ..حتى لو حاولت لن أستطيع !
تنهدت أم أمل بارتياح ثم قالت: أرحتني يا ابنتي..
ضحكت أمل ثم قالت وهي تمثل الحزن:أنت أيضا يا أمي ظننتني أكرهه !؟.. أنتم تظلمونني جميعا.. لست أحمل لسامي بقلبي غير كل الخير، حتى حين يتعمد مضايقتي أسامحه بسرعة..أنا وسامي وسلمى أخوة يا أمي ..فأبعدوا عن ذهنكم هذه الأفكار..
زاد ارتياح أم أمل و قالت بابتسامة واسعة: أنا أتمنى لكم الخير جميعا..
اقتربت أمل من والدتها وأمسكت بيدها ثم قبلتها وهي تقول: حفظك الله لي يا أمي..
ربتت والدتها بحنان على رأسها وهي تحمد الله، على الأقل أمل تعتبر سامي فعلا كأخ، لربما هذا سيجعله يغير طريقة تفكيره بها و يعدل عن ما يدور بذهنه.
********
رد: الحياة أمل رواية رومانسية
بباريس، عاصمة الأناقة و الجمال كما يحب أن يسميها الفرنسيون، بدأ زوج حياتهما المشتركة منذ أيام، سلمى للآن لا تستطيع التصديق بأنها متزوجة من أحمد، تحس و كأنه حلم، ستصحو منه عاجلا أم آجلا..
كانت جالسة بحديقة المنزل، و نسيم الصباح العليل يداعب خصلات شعرها، عينيها مغمضتين، من يراها قد يعتقد أنها استسلمت للنوم، أحمد الذي كان يقترب منها ظن ذلك، لولا أنه سمعها تتمتم بصوت خافت: يا رب.. لو كان هذا حلما..فلا أريد أن أصحو منه.
ابتسم أحمد وجلس بجانبها ثم همس بأذنيها : هذا ليس حلما يا ملاكي، افتحي عينيك و أنت مطمئنة..
ابتسمت سلمى قبل أن تفتح عينيها وتنظر إليه ولم تنطق بأية كلمة، بل ظلت تتفرس ملامح وجهه، عيونها كانت تنطق بكلام كثير..كلام أحمد هو الوحيد القادر على فهمه..
قفز أحمد من مكانه بغتة وجلس على الأرض أمامها وهو يقول بطريقة مسرحية: أرجوك..أرجوك..ارحميني من هذه النظرات، إنها أسهم تخترق قلبي المسكين..
ضحكت سلمى على حركته هذه وهي تقول: لم أكن أعلم أنك ممثل بارع !!
رد عليها أحمد وهو يعود للجلوس بجانبها : أبدا، لست أمثل أنا أقول الصدق !
ثم أمسك بيدها وهو يكمل: أعتذر لأني سأضطر للذهاب للعمل الآن، كنت أود البقاء معك أكثر..
قالت سلمى برجاء: فلتؤجل عملك للغد، لم نقض معا سوى بضعة أيام وها أنت ستعود لعملك !
رد أحمد بابتسامة عريضة: يا عزيزتي تعرفين أن إجازتي قد انتهت، ويجب علي الذهاب اليوم..
ردت سلمى بحزن:حسنا..
أمسك أحمد بذقنها وقرب وجهها منه قليلا وهو يقول: لا أريد أن أرى بعينيك هذا الحزن، عندما أعود سنخرج سويا موافقة؟
عادت الابتسامة لوجه سلمى وهزت رأسها موافقة كطفلة صغيرة..
طبع أحمد قبلة على جبينها ثم قام واقفا واتجه نحو باب المنزل الرئيسي و قبل أن يخرج استدار باتجاهها ولوح بيده لها مودعا، وهو يحرك شفتيه بما معناه: أحبك..
نهضت سلمى من مكانها و دلفت لداخل المنزل، وهي تتساءل عما ستفعله لحين عودة أحمد، جلست على الأريكة بملل ووقعت عيونها على الهاتف فرفعته وهي تقول مبتسمة: سأتصل بأمل..
لكنها أعادت الهاتف لمكانه ونظرت للساعة بيدها و هي تتمتم: لكنها التاسعة الآن، بالإضافة لفارق التوقيت..لا زال الوقت مبكرا جدا عند أمل..
ثم ابتسمت بخبث و رفعت الهاتف ثانية وهي تقول: قد ارتاحت من إزعاجي بما يكفي..من المؤكد أنها اشتاقت له..
أخذت سلمى تنتظر ردا لمدة ليست بالقصيرة، إلى أن جاءها صوت أمل الناعس وهي تقول بخفوت : آلو ..من؟
وضعت سلمى يدها على فمها كي تمنع نفسها من الضحك وهي تقول : صباح الخير يا أمل..هل اشتقت إلي؟
********
بعد أن اغتسلت،نزلت أمل للمطبخ وحضرت لنفسها كوب قهوة لينشطها قليلا..ورجعت لغرفتها ثم فتحت حاسوبها الشخصي وهي لا زالت غاضبة من سلمى، كيف تجعلها تصحو في هذه الساعة المبكرة. ولماذا؟ لتحدثها على الماسنجر !!
تمتمت وهي تشغل البرنامج : أنا الغبية التي استمعت لما تقول، كان علي أن أقطع الاتصال فور أن سمعت صوتها !
لم تكد تنهي عبارتها حتى وجدت كلمات سلمى أمامها:
سلمى: ما كل هذا التأخير !
زفرت أمل بحدة و هي تكتب: أنت مزعجة.. كنت أعلم أني لن أرتاح منك حتى ولو سافرتي لأبعد بقاع الأرض !
سلمى: حسنا..بإمكانك الخروج إن أردت..
أمل: بعد أن قمتي بحرماني من نومي الهانئ تقولين لي.. أخرجي إن أردت !
سلمى: أعلم أنك لن تفعليها.. لأنك اشتقت إلي ..
أخيرا اختفت ملامح الغضب من وجه أمل و ابتسمت قبل أن تكتب: أبدا لم أشتق إليك..
سلمى: وأنا أيضا لم أشتق إليك !
ضحكت أمل ثم كتبت: أطلعيني الآن عن آخر أخبارك مع أحمد، وابعثي لي صوركما التي تحدثني عنها على الهاتف..
سلمى: سأبعثها الآن..انتهت إجازة أحمد وعاد للعمل.
أمل: بهذه السرعة !
سلمى: أجل.. للأسف. وأنت ما آخر أخبارك؟
أمل: لا شيء..أشعر بالملل و أود أن تبدأ الدراسة سريعا !!
سلمى: و سامي أترينه كثيرا؟
ابتسمت أمل، ظنت أن سلمى تريد الاطمئنان عليها، فقد تركتها وحدها فريسة سهلة لمضايقات سامي.
أمل: أراه كثيرا..عند زياراتي لوالدتك.
سلمى: وكيف حاله معك؟
أمل : أحسن من قبل بكثير، هل تصدقين.. أصبح بمقدوري أن أحظى بمحادثات هادئة معه دون أية مشاكل !
سلمى: ممتاز !!
أبعدت أمل أصابعها عن لوحة المفاتيح للحظة، ثم عادت تكتب: سلمى، أريد أن أسألك عن شيء..
سلمى: تفضلي طبعا !
ترددت أمل قليلا قبل أن تكتب : قد أخبرتني بأنك أحببتي أحمد منذ أول مرة رأيته فيها..
سلمى: صحيح..
كتبت أمل بسرعة قبل أن تعدل عن رأيها ولا تسأل سلمى: ما كان شعورك بالضبط لحظتها..
سلمى: قد حدثتك عن هذا أكثر من مرة !
أمل: لا بأس..أخبريني مرة أخرى لن تخسري شيئا..
سلمى: حسنا.. تعلمين انه طلب يدي لمجرد أنه على معرفة بوالدي، و أني كنت رافضة لهذا الموضوع، لكن والدي من أصر علي أن أراه قبل أن أقرر، كان يأمل أن أغير رأيي وهذا ما حصل فعلا..وافقت على لقاءه، وكان هذا فقط كي أرضي والدي.. مع إني كنت مقررة الرفض، مهما كان ما سيحدث في هذا اللقاء..
أمل : أكملي..
سلمى: لا أدري ما حدث حين رأيته..لكن شيئا بداخلي اهتز..لن أستطيع أن أصف لك بالضبط..
أمل : حاولي !
سلمى: سأحاول..أتعرفين.. كأن هناك يدا انتزعت قلبي ثم أعادته لمكانه..قواي خارت بمجرد أن تلاقت عيوني بعيونه..شعور غريب بالسلام و الاستسلام معا..وهو شعر بنفس الشيء أيضا ..شعور غريب.. لا أدري كيف أصف فعلا !
توقفت عيون أمل على كلمات سلمى و أخذت تقرأها و تعيد قراءتها قبل أن تكتب: يكفي ما قلت..
سلمى: لكن لم تسألين؟
أمل: لا لشيء..مجرد فضول.
سلمى: مجرد فضول.. أم أن هناك أخيرا من حرك مشاعرك؟
انتبهت أمل إلى أنها بأسئلتها أثارت شك صديقتها، لذا كتبت بسرعة:
لا أبدا !! صدقيني مجرد فضول..
سلمى: أصدقك..لكن أتوقع أن تتحرك مشاعرك النائمة هذه قريبا..
ضحكت أمل ثن كتبت: كيف؟ ومن سيحركها يا ترى..تعلمين أني أبعد ما يكون عن قصص الحب ولا أرى الآن أن لها مكانا بحياتي !
سلمى: ربما لست بعيدة عنها كما تظنين، وربما عليك أن تفتحي عينيك جيدا لتري أن لها مكانا بحياتك فعلا..
عقدت أمل حاجبيها بعد أن قرأت كلام سلمى ثم تمتمت: ما بهم جميعا يتحدثون بغموض ..لم أعد أفهم كلام أحد !
ثم كتبت: ماذا تقصدين؟
سلمى: لا شيء محدد..
توقف الاثنان عن الكتابة لدقيقة، و أمل كانت لازالت تتمعن كلمات سلمى، من المؤكد أنها تقصد شيئا !!
عادت سلمى تكتب شيئا ..عقدت أمل حاجبيها وهي تقرأ ..
سلمى: هناك أحيانا أشياء تكون بقربنا، لكننا لا نلاحظها.. لأننا تعودنا عليها، لا نشعر بها.. إلا حين نفقدها وتبتعد عنا..حينها فقط نندم.. ونتمنى لو أنا حافظنا عليها..أرجو أن لا يحدث هذا معك يا أمل !
*************
كانت جالسة بحديقة المنزل، و نسيم الصباح العليل يداعب خصلات شعرها، عينيها مغمضتين، من يراها قد يعتقد أنها استسلمت للنوم، أحمد الذي كان يقترب منها ظن ذلك، لولا أنه سمعها تتمتم بصوت خافت: يا رب.. لو كان هذا حلما..فلا أريد أن أصحو منه.
ابتسم أحمد وجلس بجانبها ثم همس بأذنيها : هذا ليس حلما يا ملاكي، افتحي عينيك و أنت مطمئنة..
ابتسمت سلمى قبل أن تفتح عينيها وتنظر إليه ولم تنطق بأية كلمة، بل ظلت تتفرس ملامح وجهه، عيونها كانت تنطق بكلام كثير..كلام أحمد هو الوحيد القادر على فهمه..
قفز أحمد من مكانه بغتة وجلس على الأرض أمامها وهو يقول بطريقة مسرحية: أرجوك..أرجوك..ارحميني من هذه النظرات، إنها أسهم تخترق قلبي المسكين..
ضحكت سلمى على حركته هذه وهي تقول: لم أكن أعلم أنك ممثل بارع !!
رد عليها أحمد وهو يعود للجلوس بجانبها : أبدا، لست أمثل أنا أقول الصدق !
ثم أمسك بيدها وهو يكمل: أعتذر لأني سأضطر للذهاب للعمل الآن، كنت أود البقاء معك أكثر..
قالت سلمى برجاء: فلتؤجل عملك للغد، لم نقض معا سوى بضعة أيام وها أنت ستعود لعملك !
رد أحمد بابتسامة عريضة: يا عزيزتي تعرفين أن إجازتي قد انتهت، ويجب علي الذهاب اليوم..
ردت سلمى بحزن:حسنا..
أمسك أحمد بذقنها وقرب وجهها منه قليلا وهو يقول: لا أريد أن أرى بعينيك هذا الحزن، عندما أعود سنخرج سويا موافقة؟
عادت الابتسامة لوجه سلمى وهزت رأسها موافقة كطفلة صغيرة..
طبع أحمد قبلة على جبينها ثم قام واقفا واتجه نحو باب المنزل الرئيسي و قبل أن يخرج استدار باتجاهها ولوح بيده لها مودعا، وهو يحرك شفتيه بما معناه: أحبك..
نهضت سلمى من مكانها و دلفت لداخل المنزل، وهي تتساءل عما ستفعله لحين عودة أحمد، جلست على الأريكة بملل ووقعت عيونها على الهاتف فرفعته وهي تقول مبتسمة: سأتصل بأمل..
لكنها أعادت الهاتف لمكانه ونظرت للساعة بيدها و هي تتمتم: لكنها التاسعة الآن، بالإضافة لفارق التوقيت..لا زال الوقت مبكرا جدا عند أمل..
ثم ابتسمت بخبث و رفعت الهاتف ثانية وهي تقول: قد ارتاحت من إزعاجي بما يكفي..من المؤكد أنها اشتاقت له..
أخذت سلمى تنتظر ردا لمدة ليست بالقصيرة، إلى أن جاءها صوت أمل الناعس وهي تقول بخفوت : آلو ..من؟
وضعت سلمى يدها على فمها كي تمنع نفسها من الضحك وهي تقول : صباح الخير يا أمل..هل اشتقت إلي؟
********
بعد أن اغتسلت،نزلت أمل للمطبخ وحضرت لنفسها كوب قهوة لينشطها قليلا..ورجعت لغرفتها ثم فتحت حاسوبها الشخصي وهي لا زالت غاضبة من سلمى، كيف تجعلها تصحو في هذه الساعة المبكرة. ولماذا؟ لتحدثها على الماسنجر !!
تمتمت وهي تشغل البرنامج : أنا الغبية التي استمعت لما تقول، كان علي أن أقطع الاتصال فور أن سمعت صوتها !
لم تكد تنهي عبارتها حتى وجدت كلمات سلمى أمامها:
سلمى: ما كل هذا التأخير !
زفرت أمل بحدة و هي تكتب: أنت مزعجة.. كنت أعلم أني لن أرتاح منك حتى ولو سافرتي لأبعد بقاع الأرض !
سلمى: حسنا..بإمكانك الخروج إن أردت..
أمل: بعد أن قمتي بحرماني من نومي الهانئ تقولين لي.. أخرجي إن أردت !
سلمى: أعلم أنك لن تفعليها.. لأنك اشتقت إلي ..
أخيرا اختفت ملامح الغضب من وجه أمل و ابتسمت قبل أن تكتب: أبدا لم أشتق إليك..
سلمى: وأنا أيضا لم أشتق إليك !
ضحكت أمل ثم كتبت: أطلعيني الآن عن آخر أخبارك مع أحمد، وابعثي لي صوركما التي تحدثني عنها على الهاتف..
سلمى: سأبعثها الآن..انتهت إجازة أحمد وعاد للعمل.
أمل: بهذه السرعة !
سلمى: أجل.. للأسف. وأنت ما آخر أخبارك؟
أمل: لا شيء..أشعر بالملل و أود أن تبدأ الدراسة سريعا !!
سلمى: و سامي أترينه كثيرا؟
ابتسمت أمل، ظنت أن سلمى تريد الاطمئنان عليها، فقد تركتها وحدها فريسة سهلة لمضايقات سامي.
أمل: أراه كثيرا..عند زياراتي لوالدتك.
سلمى: وكيف حاله معك؟
أمل : أحسن من قبل بكثير، هل تصدقين.. أصبح بمقدوري أن أحظى بمحادثات هادئة معه دون أية مشاكل !
سلمى: ممتاز !!
أبعدت أمل أصابعها عن لوحة المفاتيح للحظة، ثم عادت تكتب: سلمى، أريد أن أسألك عن شيء..
سلمى: تفضلي طبعا !
ترددت أمل قليلا قبل أن تكتب : قد أخبرتني بأنك أحببتي أحمد منذ أول مرة رأيته فيها..
سلمى: صحيح..
كتبت أمل بسرعة قبل أن تعدل عن رأيها ولا تسأل سلمى: ما كان شعورك بالضبط لحظتها..
سلمى: قد حدثتك عن هذا أكثر من مرة !
أمل: لا بأس..أخبريني مرة أخرى لن تخسري شيئا..
سلمى: حسنا.. تعلمين انه طلب يدي لمجرد أنه على معرفة بوالدي، و أني كنت رافضة لهذا الموضوع، لكن والدي من أصر علي أن أراه قبل أن أقرر، كان يأمل أن أغير رأيي وهذا ما حصل فعلا..وافقت على لقاءه، وكان هذا فقط كي أرضي والدي.. مع إني كنت مقررة الرفض، مهما كان ما سيحدث في هذا اللقاء..
أمل : أكملي..
سلمى: لا أدري ما حدث حين رأيته..لكن شيئا بداخلي اهتز..لن أستطيع أن أصف لك بالضبط..
أمل : حاولي !
سلمى: سأحاول..أتعرفين.. كأن هناك يدا انتزعت قلبي ثم أعادته لمكانه..قواي خارت بمجرد أن تلاقت عيوني بعيونه..شعور غريب بالسلام و الاستسلام معا..وهو شعر بنفس الشيء أيضا ..شعور غريب.. لا أدري كيف أصف فعلا !
توقفت عيون أمل على كلمات سلمى و أخذت تقرأها و تعيد قراءتها قبل أن تكتب: يكفي ما قلت..
سلمى: لكن لم تسألين؟
أمل: لا لشيء..مجرد فضول.
سلمى: مجرد فضول.. أم أن هناك أخيرا من حرك مشاعرك؟
انتبهت أمل إلى أنها بأسئلتها أثارت شك صديقتها، لذا كتبت بسرعة:
لا أبدا !! صدقيني مجرد فضول..
سلمى: أصدقك..لكن أتوقع أن تتحرك مشاعرك النائمة هذه قريبا..
ضحكت أمل ثن كتبت: كيف؟ ومن سيحركها يا ترى..تعلمين أني أبعد ما يكون عن قصص الحب ولا أرى الآن أن لها مكانا بحياتي !
سلمى: ربما لست بعيدة عنها كما تظنين، وربما عليك أن تفتحي عينيك جيدا لتري أن لها مكانا بحياتك فعلا..
عقدت أمل حاجبيها بعد أن قرأت كلام سلمى ثم تمتمت: ما بهم جميعا يتحدثون بغموض ..لم أعد أفهم كلام أحد !
ثم كتبت: ماذا تقصدين؟
سلمى: لا شيء محدد..
توقف الاثنان عن الكتابة لدقيقة، و أمل كانت لازالت تتمعن كلمات سلمى، من المؤكد أنها تقصد شيئا !!
عادت سلمى تكتب شيئا ..عقدت أمل حاجبيها وهي تقرأ ..
سلمى: هناك أحيانا أشياء تكون بقربنا، لكننا لا نلاحظها.. لأننا تعودنا عليها، لا نشعر بها.. إلا حين نفقدها وتبتعد عنا..حينها فقط نندم.. ونتمنى لو أنا حافظنا عليها..أرجو أن لا يحدث هذا معك يا أمل !
*************
و هذه نهاية الرواية و أتمنى أنها أعجبتكم
و مع العلم هي منقولة !!!
و مع العلم هي منقولة !!!
رد: الحياة أمل رواية رومانسية
شكرا على الموضوع
الخارق- العضو المميز
- عدد الرسائل : 125
العمر : 27
مزاجي :
الهواية :
تاريخ التسجيل : 25/03/2008
رد: الحياة أمل رواية رومانسية
أاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
ما هذا قعة سنة عقبال ما قرأتها
وبردك حلوة يا مدرنا العزيز
ما هذا قعة سنة عقبال ما قرأتها
وبردك حلوة يا مدرنا العزيز
رد: الحياة أمل رواية رومانسية
إن شاء الله ما تنساش مرة تنية يا عمر
الخارق- العضو المميز
- عدد الرسائل : 125
العمر : 27
مزاجي :
الهواية :
تاريخ التسجيل : 25/03/2008
صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
صفحة 2 من اصل 2
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى